عادةً ما نواجه بعض الصعوبات في العرض التقديمي الأول الذي نقوم به، خاصّةً حين يتطلب الأمر منا الوقوف أمام عددٍ لا بأس به من الطلاب، ولا تقتصر الصعوبات على شخصٍ دون الآخر، فقد تكون ظاهرةً على بعض الأشخاص، بينما يستطيع آخرون إخفاءها وتجاوزها بشكل أفضل، ليست مشكلةً كبيرةً أو مأزقاً عليك أن تخاف منه، إنها أمر يمر به الجميع، وسنحاول أن نفهمه ونتجاوزه معاً.

 هل حضّرت جيداً لهذا العرض ؟

و هذا أول سؤالٍ عليك أن تطرحه على ذاتك، ويعني أن تكون قد اخترت الموضوع بنفسك، وتعرف جيداً محتواه، إذا كانت إجابتك عليه “نعم” فالأمر يصبح أسهل بكثيرٍ من أن تكون قد جلبت الموضوع من شخصٍ آخر، وإن كانت الإجابة “لا” فإنك لن تفهمَه جيداً، ولتعلم أن فهمك ومعرفتك بما تود قوله هو نصف المهمة، ثم إنّك لست بحاجة إلى أن تأخذ موضوعاً أعدَّه شخصٌ آخر، أو زميل لك بشكل مسبق، حتّى وإن كان متوفراً، وهذا أسهل من قيامك بالأمر بنفسك، لكن الأمرَ يتعلّق بسلوكك تجاهكَ، أنت تستحق أفضلَ من هذا، تستحق أن تضعَ لمستَك الخاصّة بالأشياء، وهذا يجعلك جاهزاً لأيّ سؤال يطرحه عليك أحدهم، أو أي تعليقٍ يقدمه مدرّسك.

 ما الذي يجعلك تشعر بالتوتّر؟

وهو السؤال الثاني، هل فكرة وقوفك أمام الآخرين، ومواجهتهم مباشرة يشعرك بالتوتر؟ أم أنّ قلقَك سبّبهُ مدرّس المادة الذي قد لا يعجبه ما تقوم بعرضه فيشعرك الأمرُ بالإحراج؟ ربما السبب الأكثر شعبيةً للقلق هو تعليقات زملائك، والتي قد لا تكون لطيفة، أو تحمل سخريةً لنبرتك، أو طريقتك في الكلام، أو مظهرك، إذا كنت تقول في عقلك: “نعم للجملة السابقة”، فلا تقلق هذا أمر يخشاه المعظم.

الحل بسيط! ولكنه يتطلّب منك فقط أن تواجهه، عليك أن تعرف أمرين مهمّين: الأول، هو أن الآخرين ليسوا أفضل منك في أي شيء، فكّر بأنك مُلّم بموضوعك، تعرف ما تقول. أنت تبدو بمظهر جيد! فلماذا تفكّر فيما سيقوله الآخرون، طريقتك في العرض هي أمرٌ مميّزٌ يجعلك مختلفاً عن الآخرين؛ فلكلّ منّا طريقتُه. الأمر الثاني والأهم، هو أنّ الحاجزَ الذي يقفُ بينك وبين الآخرين، يتعلّق بالثقة، كُن واثقاً بنفسك، قل في نفسك: ما المشكلة إن أخطأت مرّة؟ إن قلت كلمةً ولم يكن لفظُها صحيحاً؟ ماذا إن طرح أحد عليك سؤالاً ولم تعرف إجابتَه؟ قل إنك لا تعرف أو إنك لم تفهم السؤال، الأمر ليس معقداً، فقط كن واثقاً بما تفعل، كلنا نخطئ، سوف تقوم بتقديم مثل هذا العرض في كل سنواتك الجامعية مراتٍ كثيرة، الأول قد يكون الأصعب، وقد يكون الأسوأ، لكنك تتعلّم من التجربة.

 هل الشعور بالإيمان بذاتك كافٍ لتواجه الأشياءَ الصغيرة والكبيرة في حياتك؟

وهو السؤال الثالث الذي يجب عليك أن تجيب عليه، ومن الرائع لو كانت الإجابة “نعم” وبقوّة؛ لأنَّ إيمانك بذاتك مفتاحٌ لكل نجاح، إن لم تشعر بذلك بقوّة، فإنّك إذاً تحتاج لشخص يؤمن بك، أعني أننا كلَّنا بحاجةٍ إلى شخص ما في هذا العالم يؤمن بنا، لنبقى قادرين على الإيمان بأنفسنا، وهذا لا يعني أنك ضعيف، لكن فكّر في ذلك الصديق الذي يجلس في الجانب الأيمن، ينظر إليك مبتسماً وأنت تقدّم العرض أمام الطلّاب، يشير إليك بحاجبيه حين تتلعثم بالكلام، ليقولَ لك بلغة الجسد إنّك تُبلي جيّداً، أكمل فحسب.

المدرّس ليس عدوَّك، إنه يريد أن يصنع منك شخصاً أقوى، ما قيمة هذا العرض بالنسبة لك اليوم؟

_ إنه بالتأكيد الأهمُ في هذا اليوم.

_ما قيمته في الأسبوع؟

_إنه ما زال مهمّاً، برفقة بعض الأحداث الأخرى المهمة لديّ هذا الأسبوع. اجتياز الأشياء الصغيرة هو خطوة على طريق الأشياء الكبيرة.

_حسناً، السؤال الأخير: ما قيمة العرض الآن بعد اجتيازه؟

_لقد صار بالأمس، ثم في حياتي الجامعية السابقة. وأنا الآن موظّف في مكان ما. إنه حدث عرضي، تتذكّره الآن كأنّه قفزة من سور غيرِ مرتفع، رغم أنه لم يكن كذلك وقتها؛ لأنك الآن تواجه عالماً أكبر من مجموعة من الطلّاب في المحاضرة، أنت تواجه شيئاً أكبر، لو لم تتخطَّ ما سبقه، لما وصلتَ إليه.

الأمر الأخير الذي أريد أن أخبرَك إياه، لقد فشلت في أول عرض تقديمي لي، قال لي أحدهم وكان طالباً في سنته الثالثة، بينما كنت في السنة الأولى: “ليس هكذا تُلفظ هذه الكلمة بالإنجليزية!” وشعرت بالإحباط؛ لأن الآخرين اعتبروا الأمر مضحكاً بشكل أو بآخر، لكنّي بعد ذلك عرفتُ أنّه لو كان يجيد لفظ الكلمة بأحسن مما قلتها لَما كان في سنته الثالثة يأخذ مواداً مع طلّاب أصغر منه عمراً!

أنتَ لست ضعيفاً، أنت شخص قوي، قفْ أمام الجميع وقلْ ما لديك، لا تخف من قول أحدهم لك شيئاً لا يعجبك، أو من أن يسألك المدرّس سؤالاً لم تستطع الإجابة عليه، لا بأس سوف تتجاوز كلّ هذا، سوف تغدو شخصاً أفضلَ وأقدر، التجارب تعلّمك الكثير، وسوف تجتاز طلاباً كُثر، ما زالوا واقفين مكانهم، ما جدوى ما قالوه حينها وأنت اليوم سبقتهم؟ آمن بذاتك وتحلَّ بالشجاعة، فمُهمتك في هذا العالم كبيرة.

شاركنا بأول تجربة (بريزينتيشن) قمتَ بها