لديك موعدٌ مع امتحان أو مقابلة مهمة، لم تُنجز ما طُلبَ منك للعمل، ونظرت إلى نفسِك نظرةً دنيئة، نفسُك لا تساعدُك كثيراً في المواقفِ المحرجة؛ فتخافَ من طرحِ الأسئلة، لابد أنك مررت بإحدى هذه المواقفِ التي يبدأُ فيها القلبُ بالخفقانِ بسرعة؛ فيتسارعَ النفسُ وتتوترَ العضلاتُ ويعرقَ الجسم، كثيراً ما نسمع جملاً تثبط عزائمنا، مثل: “أخاف من المستقبل!”، “أخاف من الفشل”!، “أخاف من كلام الناس الجارح”  إلخ…، وُلد الخوفُ معنا، واستجابةُ الجسم له تكون: إما بالقتال، أو الفرار، فقد كانتا هاتان الوسيلتان قديماً، سلاحاً للنجاة من الحيوانات، والبيئة التي جهلها الإنسان؛ فكانت بدورها تؤدي إلى هلاكه… ولكن مسبباتِ الخوفِ حالياً لا تهددُ الحياة.

 

كيف نطورُ استجابتنا للخوف؟:

تطورت هذه الاستجابةُ للخوف عبرَ السنين، لتساعدَ على خلقِ ردودِ أفعالٍ سريعة؛ للنجاةِ من المأزق، فعندما يتعرضُ الإنسانُ للخطر، ينبه مركزُ الإحساسِ بالخوفِ في الدماغ؛ فيقومَ بدورِه بتنبيهِ الكليتين؛ فيفرزَ هرموناً يسمى (الأدرينالين)، الذي يعمل على رفعِ نسبةِ تركيزِ الإنسان؛ فتصبحَ ردودُ الأفعالِ المنعكسةُ أفضل، والحواس حادّة، هكذا يظهر الاضطرابُ الذي يُشعرُك في كثيرٍ من الأحيانِ بالاكتئاب، ويقودك إلى إدمانٍ يصعبُ التخلصُ منه، كالانطواء، وضعفِ مواجهةِ الغير، وحبِ البقاءِ وحيداً، وإن أبرزَ ما يقفُ بينَك وبينَ النجاحِ اليوم، هو الخوف، فالثقةُ بالنفسِ صنفها علماءُ النفس، بأنها المفتاحُ الأولُ لنجاحِ الإنسانِ وتحقيقِ أحلامه.

موقفُ الإنسانِ من الخوفِ الفطري:

مهما كانت تلك القصةُ التي تحتلُ ذهنَك عن الخوف، يبقى جذره واحداً، لهذا، لم يعدِ الخوفُ الفطريُ حاجزاً بينك وبين أحلامِك، ولكن الإنسانَ أساءَ الاستخدامَ لهذه الفطرة؛ فأصبحت تهددُ نجاحَه لا حياتَه، وأصبحت البيئة، والنفس، وسوء التعليم والتربية، ومخاوف صنعها المجتمع، وسماها بأسماء مختلفة، هي العدوّةَ التي تتجسُ دروبَ النجاحِ لتعطلَها… كلُ هذا وجدَ التربةَ الخصبةَ في الطفل، فساعدَ على خلقِ نوعٍ من الشعورِ بالخوف، والضعف. تطورت هذه الفطرةُ مع النمو؛ لتصبحَ الوحشَ الذي كان الإنسانُ البدائيُ يخافُ منه، ولكن هذه المرة أنت من صنعته بنفسِك، وبنفسِ الكيفيةِ التي تغلبنا فيها على الخوفِ من الحيوانات، والبيئة، فإن للإنسان القدرةَ على التخلصِ من هذا الوحشِ الذي بداخله، يقول نجيب محفوظ في ذلك: “الخوف لا يمنع من الموت لكنه يمنع من الحياة”.

 

عندما تقرر فعلَ ما تريد، ويرهقُك الترددُ والخوف، ابدأ بخوفك أولاً، افهم نفسَك جيداً، وواجهْ مخاوفَك، ثم واجهْ كلَّ من زرعَ فيك الخوف، لا تخترِ الفرار، فإن اعتدتَ عليه، تفاقمتِ المشكلة!، قاتل!، وواجه!، لا تهربْ، وإن شعرتَ بالخوف “افعل أكثرَ شيءٍ تخشاه، وسيموت الخوفُ داخلَك”، يشعرُ الناجحون بالخوف، لكنهم اعتادوا على مواجهتِه؛ فأصبح الفرارُ خوفَهم لا الخوفُ نفسُه، تحدَّ نفسَك في سبيلِ تحسينِها، وتمردْ على بعضِ القوانين… و تذكر دائماً أن النجاحَ الداخليَّ، هو رأسُ الحربة، و قائدُ العظماءِ إلى ما فعلوه.

فهل ستنصاع لأمر الخوف؟ أم للذي يقود العظماءَ إلى عروشٍ من حرير؟