كان يا مكان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان امرأة عربية فلسطينية عادية، وليست عادية أبداً .. هل سمعتم عن أسطورة المرأة الحديدية ؟ أو حضرتم فيلم المرأة الحديديّة ؟ أو ربما شاهدتم شخصيات تلفزيونية تحمل لقب المرأة الحديدية. نعم بطلتنا اليوم تستحق هذا اللقب بكل جدارة.

 

هل الزواج مقبرة النجاح
تعزف العديد من الفتيات الجامعيات في وقتنا هذا عن الارتباط قبل إنهاء الدراسة الجامعية، لأسباب عديدة أهمها أن الزواج قد يحول بينها و بين حصولها على هذه الشهادة لما يتبعه من مسؤوليات، أو ربما لا يحبذ شريكها أن تتعلم وتعمل في آن واحد، ولكن في الواقع لا شيء يحول بينك وبين نجاحك في أي مجال من المجالات سوى أنت وأنت فقط!
عندما تزوجت بطلة قصتنا الدكتورة صوفيا الريماوي لم تكن تحمل سوى درجة دبلوم في العلوم، وهذه الدرجة كانت نتيجة لظروف سياسية أدت إلى إغلاق جامعة بيرزيت في تلك الفترة، لكن بطلتنا كان لديها هدف واضح لامع، هي تريد التعلم وتحيا من أجله، وإن كان زواجها أمراً طبيعياً لفتاة في عمرها؛ فحصولها على تعليمها كان أمراً لا يقل طبيعية عن الزواج، وهذا ما كان؛ التحقت بجامعة بيرزيت فور اعادة فتحها، كطالبة فيزياء تشق طريقها بثبات وثقة.

 

إذن هل الامومة هي ما يعرقل النجاح ؟

أثناء دراستها الفيزياء كانت بطلتنا تعمل كمعلمة في مدرسة البلد، وهكذا كانت توفق بين عملها وجامعتها ليزيّن اسمها لائحة الشرف وتحصل على تقدير زملائها كمعلمة مبدعة، ولكن ليست هذه الصورة الكاملة فقد كانت في تلك الأثناء تحتضن ابنتها الاولى بكامل الحنان والأمومة، وتحمل في داخلها روح ابنها الثاني الذي جعل عائلتها أكثر اكتمالاً.

لم تقصّر بطلتنا يوماً في حق أي من هؤلاء، ولكننا لا نعيش في عالم وردي؛ فهي لم تكن مرتاحة وهادئة البال طوال الوقت وأمورها تجري بسلاسة! بل كانت تعيش كل يوم على أنه تحدٍ جديد، أو بالأحرى سلسلة من التحديات التي أثبت يومياً جدارتها في تجاوزها، مع دعم بسيط من أحبائها وقوة بأس شديدةٍ بداخلها اسمها “الطموح”.

 

د. صوفيا الرّيماوي

ماذا بعد ؟

لم يكن البكالوريوس نهاية طموحها، بل أتبعته بعد فترة من السيطرة الفنية على حياتها بدرجة ماجستير فدكتوراه في الأردن، الأمر الذي حتّم عليها السفر المتكرر أسبوعياً لمدة ثلاثة أعوام. وهي الآن تعمل كمحاضرة بجامعة بيرزيت، كما تشغل منصباً في وزارة التربية والتعليم، وقد حصلت منذ فترة قريبة على جائزة خليفة التربوية في مجال البحوث التربوية على مستوى الوطن العربي/ فئة البحوث التربوية العامة.

لديها وزوجها الآن عائلة جميلة مكونة من أربعة أبناء، أكبرهم “رهف” والتي كانت من أوائل الثانوية العامة لعام 2012 وهو نفس العام الذي حصلت فيه بطلتنا على درجة الدكتوراه، وثلاثة أولاد أحدهم يدرس هندسة الحاسوب في جامعة بيرزيت والآخر يقدم الثانوية العامة في الصين بمنحة للمتفوقين، وآخر العنقود صغيرهم سيكون على خطاهم بالتأكيد.

 

الدكتورة صوفيا مع عائلتها

 

 

أليس لديها  أي هوايات ؟!

فضلاً عن كونها أم رائعة وانسانة إجتماعية محببة من الطراز الأول؛ فهي طباخة جبّارة يصعب أن يتفوق على مهاراتها في الطهو أحد، هي لم تُجبر على التعليم ولم تَسمح بأن تُجبر على تركه وتحملت مسؤولية قرارها بكل قوة واعتداد بالنفس، لتحصل على نتائج بمنتهى الرضى والسعادة.

 

بالمناسبة هذه لمحة بسيطة عن إمكانيات و نجاحات بطلتنا. لكن دكتورة صوفيا الرائعة لم تخلق بقوة خارقة غريبة عن كوكب الارض ! هي ولدت بعقل وطموح و إرادة، صدقوني لقد ولدنا جميعنا بها، ولكن إن لم تجد أحدها فيك، فابحث مجدداً قد تكون غفلت عنها ولكنها لا تضيع أبداً!