لم يأت اسم جامعة من فراغ، بل موافقاً للحال ومناسباً للفعل، فهي ليست مجرد قاعات محاضرات ودروس ومختبرات، بل هي حاضنة اجتماعية متكاملة، اجتمع ألوفٌ على أرضها، ونشأت علاقاتٌ وصداقاتٌ في أرجائها، وهوت قلوبٌ بين أروقتها، من هذه القلوب ما أكملت مشوارها لتكلل قصتها بزواج؛ اختار البعض تأجيله لبعد التخرّج، بينما اختار آخرون تحدي الصعوبات وإتمام الزواج أثناء الدراسة، فغدت جامعة بيرزيت موطناً لذكريات جميلة جمعت تلك القلوب معا منذ بداية الحكاية. ومن هذه القصص التي تحمل طابع”طالب” قصة عليّ وإرادة، فكيف يكون حال زواج عماده طالبان لم ينهيا دراستهما الجامعيّة في جامعة بيرزيت بعد؟

عليّ وإرادة .. تعريفٌ منسوجٌ بالصُّدف
-عليّ ،24 عاماً، هو طالب في كلية الآداب في جامعة بيرزيت، يدرس الأدب الإنجليزي والترجمة، كان قد عقد النّية بعد تخرجه من التّوجيهي على دراسة الهندسة الإلكترونيّة في تركيّا، وهذا ما حصل؛ لكنّه بعد إتمام سنتين هناك واجه مشاكل اضّطرته للعودة إلى الدّيار وإكمال دراسته في جامعة بيرزيت. ” لو ما رجعت كان ما عرفت إرادة”.

-أما إرادة، 22 عاماً، فهي طالبة علم الاجتماع وفرعي لغة فرنسيّة في جامعة بيرزيت، تأخّرت عن تخرّجها سنة واحدة لأنّ ” ثمن الأمومة غالٍ، وفي حالتها كلّفها ذلك عاماً دراسياً”

عليّ وحسن


تداخلت التّفاصيل قليلاً.. ها؟ فلنعد إلى بداية الحكاية
-“لو ما سحبت الإنجليزي كان ما التقينا” تقول إرادة
كانت إرادة في عامها الثّاني في جامعة بيرزيت، في الوقت الّذي أنهى فيه عليّ فترة نقاهة بعد مغامرة تركيّا ليسجّل في جامعة بيرزيت ويلتحق بإرادة في عامه الأول. كانت الصّدفة قد حاكت أوّل خيوطها حين قامت إرادة بسحب مساق مهارات اللّغة الإنجليزيّة المتقدم -أ- في الفصل الصّيفي الذي سبق دخول عليّ إلى الجامعة وأجّلته للفصل الأوّل حيث كان علي معها في نفس المحاضرة.

-“كان هلأ قصّتي مع وحدة تركية، كان نفس القصّة بس بالتركي” يقول عليّ ممازحاً إرادة
التقى عليّ وإرادة في مادّة أخرى في الفصل الّذي تلاه، وتعرّفا على بعضهما البعض خلال ذلك العام، ليتوّجا ما سبق بخطبة ثم زواج.

ما المشاكل الّتي واجهتكما؟
– تقول إرادة: كان عليّ ما يزال طالباً ولا يملك مالاً كافياً ليبني عائلة، ومن ناحية الأهل فقد كان طموح أبي أن أتخرّج قبل كلّ شيء آخر.
أمّا عن المشكلة الأهمّ، فهي كون عليّ من حمَلة الهويّة المقدسيّة، بينما تحمل إرادة هويّة الضّفة، ما أدّى إلى مواجهتهما عدّة مشاكل بهذا الخصوص؛ مع ذلك تصرّ إرادة على أن الحب يقف في وجه كل شي”.

مقعد الآداب المفضّل لدى عليّ وإرادة

“يلا نكعد، يلا نؤعد”
كانت مقاعد شارع الآداب هي المفضّلة لهما؛ وكان ما يزيد المكان جمالا اختلاف اللّهجة إذ كان يضفي على الجوّ شيئا من الفكاهة، فتصوّروا الفرق بين لهجة الخليليّ ولهجة الفلاّحة الأصيلة؟

هل أثّر الزّواج على تحصليهما الدراسي؟

لم يحدث ذلك بتاتاً، فقد أُدرج اسم عليّ في الفصل الأوّل لزواجهما على لائحة الشّرف الخاصّة بجامعة بيرزيت، وكان معدّل إرادة في ذات الفصل 85.

التوفيق بين الدّراسة والمنزل
يعمل عليّ بعد دوامه الجامعيّ حتّى السّاعة الحادية عشر مساءً، أمّا إرادة الّتي لم تكن تتقن الطّبخ خلال فترة عزوبيّتها، فقد بدأت تعلّم ما يخصّ شؤون المنزل شيئاً فشيئاً. أما عن مساهمة عليّ في العمل المنزليّ فتقول إرادة: “يساعدني في فترات العطل كثيرا، أما في باقي الأيام فلا ألومه”. وأضافا أنّهما يكتفيان بالتّركيز في المحاضرات والدّراسة قبل الامتحان لا لمجرّد النجاح فحسب؛ بل للتفوق.

حسن ..
كانت فترة الحمل التي مرّت بها إرادة برفقة عليّ من أصعب التّجارب الّتي عايشتها، لكنّ وجود عليّ إلى جانبها كان أهمّ عامل لمساعدة إرادة على إكمال هذه المهمّة على أكمل وجه. ورغم تخوّفها في البداية من فكرة الإنجاب إلّا أنّهما اليوم أكثر من سعيدين بطفلهما؛ تقول إرادة وقد قارب حسن على إتمام عامه الثّاني “حسن هو نتاج عليّ وإرادة رغم كل الصّعاب، حسن هو الجمال والطّيبة والبراءة”، أمّا علي فيعتبر حسن “زلمته” فهو طفل ذكيّ، ومرح، وقويّ البنية.

حسن .. نتاج حبّ عليّ وإرادة


ماذا تعني لكما بيرزيت التي جمعتكما؟

تقول إرادة “جامعة بيرزيت هي اللّي جمعتنا، ولولاها ما عرفنا بعض، وما كان عنّا حسن، بيرزيت هي البداية”.
بينما ردّ علي متحايلا على السّؤال “لا أدري كيف سأنجز ساعات العمل التعاوني خاصتي”، ثم استأنف قائلاً ” لولا جامعة بيرزيت لما اجتمعت بنصفي الآخر، وما أهداني الله حسن، حسن الاسم والمظهر”.

هذا واحد من جوانب بيرزيت الرّقيقة التي نحب، وهذه إحدى قصص الزّواج التي لبيرزيت وصدفها الفضل الأوّل عليها، حيث غدت بيرزيت أطلالاً ستذكرها وتقف عندها كل القلوب الّتي تآلفت بين أروقتها. وتذكّر أن كونك طالباً لا يعني تجميد باقي أركان حياتك..

هل تعرفون قصصا مشابهة؟ شاركونا بها وما رأيكم بالزّواج خلال فترة الدّراسة..؟