كتبها: هشام نجم

 

صديقي، ما رأيك بأن أخبرك بما لم تعرفه عن عقلك من قبل؟

يعمل عقلك بنظامين متفاوتين: أولهما نظام (س ب ت)، أي: سريع، بديهي وتلقائي. أما النظام الثاني فيدعى (ت ف م)، وهو تحليلي، تفكيري ومستهلك للوقت والجهد.

 

عقلك السريع:

دعني أريك قدرات النظام البديهي (س ب ت)، ولنبدأ بالعملية الحسابية: 2+2 = ؟، هل كنت ترى 4 من بعيد؟

دعني أجرب معك شيئاً آخر، هل يمكنك قراءة الكلمة القادمة: (أ ص ف ر)؟ وهذا ما كنت أريد ايصاله لك.

إن عقلك لم يستغرق أي وقت أو مجهود ليصل إلى الإجابة؛ لأنه تمرن عليها خلال سنوات خلت من عمرك، قضيتها في تطويره حتى أصبحت مدركًا لتلك الإجابات دون استهلاك الوقت والجهد.

 

عقلك البطيء:

لننتقل معًا إلى النوع الثاني والذي يزعج الناس أكثر. لا أريد إزعاجك بسؤالي عن ناتج (53-234+567*7)، حتى أنك لم تفكر في قراءتها!

ودعني أضرب لك مثالًا: السياقة، هل تذكر كيف كنت في بداية تعلمها مشدود الأعصاب ومتأهبًا لكل ما يجري من حولك، ثم أصبحت أولى اهتماماتك لأي الأغاني تستمع وأنت تقود، وتتحدث مع صديقك الذي يجلس بجانبك؟

تفسير ذلك ببساطة هو أن القيادة قد انتقلت من العقل المحلل المستغرق للوقت، إلى العقل البديهي السريع؛ حتى لا يكلفك الكثير من الجهد.

لماذا عقلان؟

خلقنا الله سبحانه وتعالى مع هذين النظامين، ولكل منهما وظائفه، فالنظام البديهي السريع يعمل عند حدوث خطر يهدد حياتك؛ فلا تفكر وأنت تهرب من ذلك الكلب المسعور في الشارع في منتصف الليل. أما العقل المحلل البطيء، فهو الأفضل عندما تقرر أي جهاز خلوي تشتري بناءًا على الإمكانيات والمواصفات، وهكذا. بينما يستغل التجار النوعين للتحايل عليك دون أن تشعر.

 

  • الحيلة الأولى: التقريب:

إذا سألتك عن توقعك ما إذا كانت سلسلة جبال الألب أطول من (2500) متر أو أقل، ستكون إجابتك غالباً حول ذلك الرقم. وكذلك إذا سألتك إن كانت تلك الجبال أطول من (13000)م أو أقل، فستكون إجابتك أيضاً حول الرقم المذكور.

وغالباً ما يستخدم التجار هذه الحيلة عند بيعك منتجًا ما، فيضع لك السعر قبل الخصم 100 دولار، وبعد الخصم 50 دولاراً، فتظن أنك قد ربحت الصفقة، مع العلم أن قيمة المنتج لا تساوي 10 دولارات. ويستفيد التجار هنا من استخدامنا لأسلوب المقارنة (السريع) بين ما قبل وبعد، لأننا ربما ننسى اتّباع مواصفات العقل (المحلل).

 

  • الحيلة الثانية، الهالة:

يستخدم هذه الطريقة الكثير ممن يلبسون ملابس معينةً لإعطاء انطباع معين عنهم، كالّذين يرتدون لباس رجال الدين؛ حتى يتم تصنيفهم من تلك الفئة بسهولة دون تعب؛ لأننا نستخدم هنا عقلنا (السريع) للحكم على المظهر وليس العقل (المحلل) للشخصية أو للأفعال والأخلاق.

 

  • الحيلة الاخيرة،التسعير الخادع:

هل سبق أن جربت شراء البوشار في السينما أو صالات العرض؟ غالباً ما يكون هناك حجم صغير ومتوسط وكبير. أُجريت دراسةٌ، حيث تم وضع الحجمين الصغير والكبير فقط وكان فرق السعر واضحاً بينهما ففضل معظم الأشخاص الحجم الصغير لأنهم شعروا أنهم ليسوا بحاجة للحجم الأكبر، ولكن كانت المفاجأة عندما تم وضع الحجم المتوسط بنفس سعر الكبير تقريبًا، فشعر معظم الناس أنها صفقةٌ رابحةٌ جدًا لو حصلوا على الحجم الكبير، مقابل فرق بسيط جدًا بالمال عن الحجم المتوسط.

ونعود من جديد لنقول: إن العقل المقارن السريع لا يفكر فيما إذا كنت تحتاج إلى المنتج، أو بالمواصفات التي تكترث لها فيه لتصل إلى مرامك من شرائه.

لا بأس بأن تم خداعك ياعزيزي أو وقعت في إحدى هذه الحيل ولكن احرص ألا تقع فيها غداً…