كثيرون كتبوا عن الهويّة، وكثيرون أيضًا تساءلوا عن ذواتهم وهوياتهم. إن كنت من أتباع المظهر فهويّتك مظهرك، وإن كنتَ من أتباع الجوهر فهويّتك جوهرك، أما إذا  كنتَ إنسانيًّا فهويّتك إنسانيّتك، إلى ما لا نهاية من الهويّات. لكن يبقى السؤال قائمًا: من أنت بنظر العالم؟ وكيف يحكمُ العالم علَيك؟

 

 

الأمريكيّة (ليزي فيلاسكويز)، في السابعة والعشرين من عمرها، والمشهورة بأقبح فتاةٍ في العالم، تُعاني من متلازمة غير معروفة يعاني منها ثلاثة أشخاص فقط في العالم ومنهم ليزي، يحتوي جسمها على 0% من الدهون أي أنّ وزنها ثابت منذ الطفولة وغير قابل لأي زيادة، ترتّب على هذا الأمر اختلاف كبير في مظهر ليزي وهو الأمر الّذي جعلها كالوحش في عيون المجتمع، بل في عيون العالم. في إحدى مقابلاتها على منصّة “تيد” قالت ليزي: “كنت أستيقظُ كلّ يوم وأنا أحلمُ بأن لا أكون أنا، بأن أتغيّر، كلّ صباح كنت أنظر إلى المرآة متمنيّة التغيّر، وكلّ صباح كان يخيبُ أملي”. ما قالته ليزي يضع أمامنا سؤالاً ضخماً، ما هي القوّة التي قد تجعل شخصًا يُصاب بخيبةِ أمل مع كل إشراقةِ شمسٍ، ليس لأنه خذَل نفسه بل لأنّه خذل غيرَه في أمر لا علاقة له به ؟ أيُّ قانون في العالم يرغمُ شخصاً على كره نفسه لأنّه مختلف، مختلفٌ فقط؟

 

 

ليزي من الفتيات اللّواتي قدّمن الكثير، قالت مرّة بأن أمّها كانت تحاربُ لكي تجمع شمل عائلتها، وعلّمتها أن تحارب أيضًا لتجمع شتات نفسها. قرّرت ليزي أن تثبت لكل شخص في العالم أن قيمته الحقيقيّة تكمن فيما حقّقه، وما قدّمه للبشريّة، فانطلقَت. أنهت دراستها وتخرجت، وكوّنت علاقاتٍ مع أشخاص يحبّونها لجوهرها. كانت بداية مسيرة ليزي في الكتابة هي كتابتها لسيرتها الذّاتية بمساعدة أصدقائها، ثمّ كتبت كتابًا آخر سمّته “كن جميلاَ،كنت أنت”. على الأقَل، لم تستسلم ليزي وحاولَت تغيير العالم للأفضل، ولو كان من تغيّره شخصٌ واحد. ما هو القبيح الّي فعلَته لتكون كما يُطلَق علّيها “أقبحُ فتاة في العالم”؟ أي دينٍ أو مذهبٍ أو ضميرٍ يسمح لنا بوضع معاييرٍ للجمال؟
نعود إلى مفهوم “الهويّة” من جديد، فلسفيّاً، الهويّة هي قيمة الشيء المطلقة وما يحتويه جوهره. أما لغوياً، فهي الصّفات المميّزة للأفراد من حيث الثّقافة أو اللّغة أو العقيدة وما إلى ذلك. في علم النفس، الهويّة هي حصيلة التفاعلات بين الفرد ومجتمعه أو محيطه وما إلى ذلك. كلّ تعريفات الهويّة لا تصل إلى المظهر أو الأمراض الّتي يعاني منها الفرد، فلماذا قرّر البعض أن الهويّة هي مظهر الشخص؟ أيّ أساساتٍ اعتمدوها في نظريّتهم ؟

حين تسأل نفسَك، من أنت ؟ لتَكُن إجابتك جوهريّة، وتعبّر عن هويّتك. إن كانت قيمتك في مظهرِك فقيمتك فانية . وإن كانت في جوهرك، فهي خالدة.