كتبتْها: بيان فرادنة
هناك قولٌ يتردّد باستمرار: أن الإنسان يكتب ما هو بحاجة إليه، أو ما ينقصه. تُرى هل هناك شخصٌ بحاجة للألم؟ لا أظنّ ذلك.
قد يمسك الإنسان أقلامَه وأوراقَه؛ ليفضي بدواخله، ليشعر بالراحة، حيث لا أحدَ يسمعه أو يفهمه، وفي النهاية لن تفضحه الأوراق إذا قام بحرقها. فما أجمل أن تُخرج ألمك من داخلك وتسطره أمامك ثم تحرقه، بذلك أنت تقوم بفعل حكيم وقويّ، أنت تسيطر على آلامك، فهذه النار التي تشعلها، أنت تخمد النار التي تسكن داخلَك، ولن تجعل قلبـاً بحجم قبضة يدك يتحكّم بحياتك وأيّامك.
لا يمكنني أن أستوعبَ كيف يستطيع شخص ما أن يستخدم الحزن وسيلةً لجلب وجذب الانتباه إليه. إنّه لا يدري أنّ هذه طريقة فاشلة جدًا، وأنّه من خلالها لا يجذب لنفسه سوى الحزن الذي سيتحوّل مع مرور الأيّام إلى كآبة وحزنٍ حقيقيّان لن يستطيع التخلّص منهما. فعندما يبدّل المرء قناعه باستمرار، أعني قناعَ ملامح وجهه وحالته النفسية، كأن يرسم على وجهه ملامح الغضب في حين ألّا شيءَ يُغضبه، أو أن يصطنع حزنًا في جلسة لمع الأصدقاء؛ ليكون محلّ اهتمامهم، هل عند هذه الفئة من الناس حائط ما ترتّب عليه الأقنعة؟ هل هي زينة للوجه؟ لا أعلم! لكنّي على يقين بأنّ القناع الوحيد الذي يحق لأيٍّ منّا ارتداؤه هو قناع الابتسامة؛ لتفادي الاستفسارات والأسئلة.
منذ أن كنت على مقاعد المدرسة وأنا أواجه هذه الفئات، التي تثير استغرابي بشدّة! كيف لا يمكنهم إيجاد وسيلة أخرى من شأنها أن تضعهم موضع اهتمامٍ في الجلسة.
لم أحبّ يومًا مرافقةَ كثيري الشكوى والتذمّر، الذين لا يذكرون لحظة سعادة في حياتهم، فأنا أبحث عمّن يرسم ابتسامة في قلبي قبل وجهي، أريد أشخاصًا يبحثون عن الأمل والتفاؤل رغم انكسارهم، لا من يتقوقعون في خليّة من الأحزان ويقيّدون أنفسهم بالإحباط. هؤلاء سيوقنون في نهاية المطاف أنّهم وحيدون تمامًا.
نحن لا نملك الحقّ مطلقًا في كلّ هذا، لا أحدَ يحقّ له مهما كان مكانه في حياتنا، أن يعكّر صفوَ الآخر، أو أن ينشر الحزن حوله لمجرّد رغبته بذلك! هناك وقت وزمنٌ للحبّ والسعادة، وهناك وقت للحزن أيضًا، ولا ضيرَ في قيامنا بتقليص مساحة الحزن، ومنح السعادة اتساعًا لا حدودَ له. فنحن لا نملك الحقّ في أذيّة قلوب الآخرين.