كنت أمشي على شاطئ يافا مستمتعًا بأصوات الأمواج الهادئة. رأيت الحمام يدسُ مناقيره الصغيرة بين أكاوم الرملْ, يبحثُ عن بذرةٍ يأكلها أو اي شيءٍ يسد رمقه !باشرت برمي بعض الطعام له, فتجمعت الحمامات حتى صارت سربًا كاملًا. ولا أخفيكم القول أني كنت أرمي الطعام والحيرة تغمرني, أيجوع طيرٌ في يافا ؟ آه ! أين يافا التي أعرفها ؟ يبدو أن يافا لم تعد كالسابق. و في حين حديثي مع نفسي و إذ بشابةٍ يهوديةٍ تمشي بجانبي وتصرخُ من الخوف. عرفت حينها لماذا تجوع الطيور, تلك اليهوديةُ تصرخُ خوفًا وفزعًا من الحمام, والحمام يأبى الهرب. هي تكره السلام. والحمام رمزٌ له. مسكينة تلك اليهودية. هي لاتعرف السلام, تصرخ وتصرخ حتى أتى صراخها بمن ينجدها من حمام السلام . بدأوا بترهيب الحمام وإبعاده عن شاطئ يافا, ولكن أجمل ما بالأمر أن هذا الحَمام حمامُ فلسطين, حمامُ يافا. هو يأبى الهروب ويرفض التهجير, هو كشعبه شعب فلسطين. توقفت عن إطعام الحمام, ولكن الحمام َ لجوج, أصرَّ على البقاء بجانبي. أجل, لم أتعجب من ذلك, فالحمام يعرف أبناء شعبه. وبعدة برهةٍ من الزمن تظاهرت بالأكل, وتظاهرت أن الطعام يتسرب من يدي, حتى يأكل الحمام رغمَ من أنف تلك اليهودية . بقيت على هذا الحال إلى أن رحل المحتل عن الحمام , وبعدها تراقصنا أنا والحماماتُ فرحًا على شاطئنا, شاطئ يافا. أجل قد قهرنا المحتل. وكما انتصرت تلك الحمامات ستنتصر فلسطين.

كم أشتاق ليافا وكم أشتاق لحمامها.