في عتمة الليل، انطفأت شمعة، رافقتني الكتابة جبنًا إلى جنب دائمًا، خاصّة في لحظات كنت أحِسّ فيها بنقصان ولحظات صراعي الدّاخليّ، في مرحلة من مراحل حياتي، وليست من فترة بعيدة، لمستُ في داخلي شخصيّة أخرى، كانت سوداء مُعتِمة، ظننتُ في البداية أنّني أتوهّم، ولم أعطِ الأمر أيّ أهميّة، لكن، في ليلة كانت تبدو مثل أيّ ليلةٍ أخرى، رأيتُ ما أسميتُه (شخصيّتي الأخرى) وخاطبني، ثار الرّعب فيّ ولم أستطع النوم، ظلّت (شخصيتي الأخرى) تخاطِبني في كلّ ليلة حتى اعتدتُها وزال الخوف، ومارست حياتي المعتادة بشكل طبيعيّ، كعادتي أكتب عن كلّ ما يصيبُني إلى أن رأيتُ الموت أمامي، الموت أقسى أنواع الظّلم، كان موجودًا في زاوية من حياتنا كيفما أدرتَ وجهك، لمحت الموت يخطف عزيزًا آخر وتساءلت متى دوري؟

قرّرت أن أكتب عن شخصيّتي الأخرى الّتي أسميتُها (سوادي) فكلّ منّا لديه شخصيّة سوداء، البعض اكتشفها والبعض الآخر لم يرَها، والبعضُ مثلي خاطَبها وخاطبتْه، قرّرت أن أكتب عنها وعن حياتي معها، عن الألم الّذي عشتُه و تذوّقتُه بوجودها قربي، ولم يكن هناك مخرج أو وسيلة لِتختفي تلك الشّخصيّة أو تبتعد عنك إلّا بإختفائك أنت، إلّا في نهاية وجودك أنت، أريد أن أُلفت نظر النّاس إلى شخصيّاتهم الأخرى، إلى (سوادهم) الّذي فيهم، ولأُريهم ما استطعتُ مدى الألم الّذي يرافق هكذا حياة، لا تشبه الحياة، وبنشري لكتابي هذا الّذي يحوي معاناتي وكثرة أعرفها ، آمل أنّي ستطعت أن أُوضّح تفاصيلَ الحكاية بدقة، في نور الفجر، أضاءت الشّمس الشّمعة من جديد.

يجوب الموتى السّماءَ بلا روح
يتابعون تدفّق ألوان الطيف..
منتظرين يوماً تنتهي
فيه نظراتهم..
إلى أسفل..
معلّقين بهموم…
بذنوبٍ ..
و آمال ..
لا دعاءَ يُرتجى من
ميّت..
ولا لميّت..
فالموت أحصى
كلّ الخطايا..
ولم يتفادى أيّ دعاء
خلف غيمٍ لا يرى..
هناك..
هناك مَن اختار الموت حياة..
هم لا يرتقبون أيّ
حدث..
ولا يرجون دعاءًا..
حتّى المحيّا لم يكن
كافيًا؛ ليزرعوا فيه
أحلامَهم..
أم لم يكن مكانَهم..