كان يا مكان في قديم الزّمان وسالف العصْر والأَوان، جُنديٌ مجهول، يقفُ خلْف عدسة كاميرته ليُنتج لنا أجمل الصور، ويُخلّد لحظات تُرْجِعنا إلى ذكريات جميلة دافئة.  كأيِ مصوّر، سَوف نُطلق على بطل هذه القصّة .لقب “جندي مجهول”، هؤلاء الأشخاص الذين يُنتجون الفنّ العظيم ويشكّلون العمادة الأساسية لنجاح أي عمل دون أن يتم الكشف عنْ هُوياتهم بصدى الممثّلين ووجوه الشاشات

وُلد بطل قِصّتنا ببلدةٍ قُرْب رام الله وتلقّى تعليمه الأساسي فيها حيثُ كان متفوقاً في دراسته، إلا أنه ولسببٍ ما بدأت خطّة نجاحِه الأكاديمي بالإنحراف عن مسارها فاجتاز الثانوية العامّة بمُعدلٍ يحدّ منْ التحاقه بأيّ تخصّص جامعي يُمجدّهُ مُجتمعنا ويَحصُر ثُلث الخرّيجين فيه، سواء رغبوه أو لا. ولكن بالرغم من عدم نجاح خطة التفوّق الأكاديمي إلا أنْ بطلنا كانتْ قد رُسمت لهُ خطة أرْوع بكثير ! !

قرّر بَعد سماعه لكثيرٍ من الآراء والنَّصائح والإقتراحات، وحتى الضّغوطات، أن يُعطي فُرصة  لرأي بعض منْ الأقارب والمُحبّين، ويلتحق بمعهد لدراسة دُبلوم في الحاسوب. لمْ يمض الكَثير منْ الوقْت حتّى وضع حدّاً لوقته الضّائع في تخصّص لا يناسبه ولا يجدْ نفسه فيه. نفسه التي كانت لا تستحق أقلّ من ْالّسعادة. بحث في أعماقه عنْ مواطن شغفه، وساعده على إكتشافها صديقهُ الذي كان يمْلك كاميرا. هو يحب التّصوير. ترَك معهد الحاسوب وبدأ يعملْ بجدّ في أعمالٍ مُختلفة، ليجْمع ثمن أوّل كاميرا له . وهذا  ما كان.

كان دائماً ما يُصوّرالأصْدِقاء والنّاس، ويشعُر بِسعادةٍ بالغة خلف العدسة. كما كان يرتاد التّجمُعات والاحتفالات، ونقاط المواجهة مع الإحتلال الصُّهيوني لإلتقاط الصّور. وفي أحد التّجمعات  في رام الله، وبينما كان يلتقط الصّور، طلبت منْه سَيّدة أنْ يُعطيها الصّور التي التقطها، وأَعْطتْهُ عُنواناً. لقد أرادتْ الحُصُول على الصّور مِنْ أيّ مصْدر قام بتوثيقها في ذلك الوقْت، ولكن عندما رأت عمله الذي يَتوهّج شغفاً عرضت عليه عملاً ثابتاً في المجلة.

الخطّة القدرية الجميلة التي كُتبتْ لبطلنا أَوصلتْه إِلى دورةٍ لصناعة الأفْلام في جامِعة  بيرزيت ومنها إلى تجربة تصوير فيلمِه القَصير الأوّل الذي فَتح لهُ المَجال للإلتِحاق بالعديد من الدّورات في التّصوير والصّحافة و الإعلامِ وغَيرها، شادّة إياهُ نَحو تَصوير فيلم “المنتفضون الجدد”  لقناة الجزيرة، الذي يوصلنا إلى حَدث نِهاية قِصّتنا اليوم وبداية القصة الكبيرة في حياةِ بَطل.

 مُكالمَة هاتِفيّة صَغِيرة غيّرَت الكَثير،  تَلقّى فِيها عَرْضاً بِأن يُشارِكَ في تَصْوير مُسلسَل رَمَضاني، لِينتَهي بِه الأَمر كَمُدِير التّصْويِر  لذلك المُسلسل الذي حققّ نجاحاً رائعاً ! هوَ عَلِم بَل خططّ أنّه وفي مَرحلةٍ ما في حَياتِه (رُبّما قَبْل الثّلاثِين) سَيَكون مُديراً لِتَصويِر مُسَلسَل، ولكنّه لَمْ يَعلَم أَبداً أَنّه سيُحقق هذا النّجاح قَبْل بُلُوغه ال 22 عاماً من عمره!

عبدالله معطان – بطل القصة.

ما يُميّز بطلُ قصّتنا اليَوْم، شَجاعَتْه وقُدرَته على الحُلم بِجُرأة. هذه الشّجاعة التي بِفضْلِها اسْتَطاَع سَبْر أَغْوارِ المَجْهول، تابِعاً سَعادَته وشَغَفه فقط،غَير آبِه بالمَخاطِر التي قَد تَحّفُ الطَّريق، ولا حتّى خائِفاً مِن الفَشَل بأيّ نُقْطَة فهو يَرى في كُلّ تَجْربة فُرْصَة تَرفَعْه للأعْلَى.

 !كمّ العِبَر والدّرُوس التي نَأخُذها مِنْ قِصّة هذا الجُندي المَجْهول كَثِيرة جِداً. أَهمُّها الإيقان بِأن خُطتْك قد تَفْشَل لأنه مَكتُوب لَك خُطة أَجْمَل

 يقول عبدالله: ” الحمد لله بعد كل هالمسيرة أنا حالياً لساتني بتعلم من أي شخص بقابله بحياتي وراس مالي في هالدنيا هي معرفتي بالناس”

بَطَلُ قِصّتنا الآن يُدير تَصوير مُسلسَله الثّاني، ويَعمل ناشِطاً في المَجال التطوّعي، ويَستمتع بِحياتِه مُستعداً للمَزِيد. ماذا عَنْكم هَل أَنْتم مُستعدّونَ للمَزيد ؟ احلُمُو بجُرأة وَسَترَوْنَ أحْلامَكُم أمَامَكم قريباً بِلا شَك !