كان يا مكان في قديم الزمان و سالف العصر و الاوان, شابة يافعة اسمها زينب. تنشر السّعادة كالعدوى في كلية الصيدلة و التمريض و المهن الصحية. سرّ زينب بسيط و سأعطيكم قليلاً من إلهامها.

زينب أحد موظفي هذه الكلية لا تفشل يوماً في جعل أحدهم يبتسم, تراها بالمّمرات توزع ضَحِكات و سَلامات مع أبناءِ الكليّة فتُسعِد نهارَهم و يُسعِدونها, لم أعلم عنها شيئاً من قبل و عن سر هذه السعادة المعدية حتى قابلتها.

زينب مثل باقي بنات جيلها كان لديها بضع عقبات في حياتها. عقبات ربما تستسلم أمَامها العديد من الفتيات و لا يجدن ملجأ سوى الزواج و رمي كل هذه الأحمال و المشاكل على كتفي شاب لم يَخبر بالحياة كثيراً. لكن زينبتنا كانت أقوى بكثير , بحثت عن عمل  و بدأت تشكل شخصيتها باستقلال ماديّ تام .

بعد مرور عام و نصف من إستلامها لهذه الوظيفة تقدّم لخطبتها زميلٌ من الجامعة يشغل نفسَ وظيفتها و يكبرها بعام فقط. كانا صغيرين  على الارتباط و ما يحمله من تبَعات و أعباء ماديّة و مظاهر لا داعي لها في أغلب الأحيان. و لكن بطلتنا كان لها موقف آخر يجسد قوة المرأة فيها, فاختارت أن ترسم الطريق يداً بيد مع من وجدت فيه صفات شريك الحياة المناسب. حقاً لماذا يتوجب على شاب من عمر فتاة أعجبته أن يمكلك مالاً يساوي عشرات أضعاف ما تملك هي ؟

و هكذا “تصف زينب” : عملت عرس أحلى من اللي بخيالي ! خليت الكل يرقص و حاول أفرّح الكل و عملت فقرات كتيرة لكل حدا ” لفتتني بساطة هذه الفرحة فقد فَرِحت زينب في يومها من قلبها و حاولت إسعاد الجميع دون بَهارج قد لا تحمل في طياتها المعنى الحقيقي للسعادة.

أثناء حديثي معها كنت أضحك من أعماق قلبي على قصص طريفة شاركتني بها, تروي من خلالها مواقفها المضحكة و محاولاتها في إضحاك من تحب و مجالستها لكل أطفال أقاربها و تعلّقهم بها و تعلّقها هي بالأطفال عموماً. مواقف حقاً لمستني و جعلتني أضحك مطولاً حتى قاطعت هي ضحكاتي مازحة : حياتي ليست مليئة بالبهجة و الضحك فقط فلو أخبرتك النصف الآخر لربما بكيتي بنفس قدر ضحكاتك و لكن لماذا قد أفعل هذا ؟ قالت لي إن لها مبدأ يتمثل في عدم مشاركة الأفكار السلبية و الأحزان مع أي كان و ذلك لسببين : الأول لكي لا تذكر نفسها بالجوانب الحزينة في حياتها و التي يمر بها كل البشر. و ثانياً لانها تحب نشر الطاقة الايجابية أينما تذهب. و الشخص الوحيد الذي استطاعت أن تبوح له بما تحمل في قلبها من حزن أو ألم هو شريك حياتها الذي يمثل لها السند كما كانت له من قبل السند . و هذا هو سرّها الصغير الكبير.

 

أثبتت لي بمثال حي أن السعادة مصدرها داخلي بنسبة 100% و أن المصادر الخارجية نسبية و متقلبة و لا تعني شيئاً إن لم يكن قلبك بالأساس سعيد . زينب الآن وصلت إلى مرحلة مادية جيدة ببناء بيت جميل يحتضن أسرتها الرائعة. هي تحب حياتها كثيراً و تضع في أولوياتها نشر السعادة في كل موقف . أي ظروف يمكن أن تؤثر على هذه القوة التي تملكها ؟