” السرطان بخوفش … إحنا أقوى من السرطان”، ” السرطان ممكن أخد من جسمي كتير شغلات بس مش راح ياخد عزيمتي وإرادتي ومعنوياتي “.
هكذا اعتاد قاهر السرطان الحديث عن مرضه والبسمة العريضة تملأ وجهه. ففي الوقت الذي يتابع فيه الشارع الفلسطيني مباريات الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة، هناك كلاسيكو من نوع آخر بين قاهر السرطان فادي طبحنا ومرض السرطان.
فادي طبخنا لاعب كرة القدم، صاحب الإرادة العالية على أرض الملعب، لم يتوانَ يوماً عن مواجهة أي حدث في حياته على نفس الدرجة من الشغف والمعنويات العالية، حتى لو كان الحدث هذه المرة ليس مباراة كرة قدم بل مرض السرطان.
” و أنا من الناس الي بقولوا إنو طول ما الإنسان من جوة مبسوط طول ما الدنيا بتكون معو منيحة “
فادي الذي تشع عيناه ببريق من الأمل على الدوام، كان مصدراً يبث في نفوسنا القوة والإصرار، ومنبعاً يمنحنا الحب والرغبة بالحياة. ” قاهر السرطان ” صاحب الروح القوية، هو طالب في كلية التجارة- جامعة بيرزيت في أوائل العشرينات من عمره، حاصل على معدل 88 ونصف في امتحانات الثانوية العامية في الفرع العلمي. أثناء تواجده في الملعب فى أحدى المباريات، قبل التحاقه بالجامعة، شعرفادي بألم شديد في رجله غادر على إثره الملعب ونقل إلى المشفى. وبعد زيارته للعديد من الأطباء، تم تشخيص حالته على أنها مجرد رضوض، أو التهاب ليس بالخطير. مرت 5 أشهر وفادي لا يزال يعاني من نفس الألم، وبعد عدة فحوصات بدأ فادي الكلاسيكو الخاص به ليعود إلى أرض الملعب بنفس العزيمة والإصرار في مواجهة السرطان.
“ليش بنحكي عن السرطان هداك المرض، أو مرض اللهم عافينا، يمكن لأنو الناس بتخاف، بس هو حقيقة عادي ما بخوّف، اسم عادي جدًا. وأما موضوع النفسية الزفت هاي للمصابين بالسرطان، كنت أسمع فيها سمع، لا، لا، هادا كان آخر شي ببالي تكون نفسيتي سيئة، لهيك، بالعكس عشت حياتي وانبسطت بفترة إصابتي وعلاجي، لهيك بنتحداه مرة ومرتين والألف، ونحنا بنستناك “
تقرر خضوع فادي لعملية استئصال لرجله المصابة، بعد جرعات من العلاج الكيمياوي لم تعط مفعولها. فادي لم يعارض القرار، بل على العكس فالكرة في ملعبه أينما ذهب، وهو على يقين بأن هذه العملية ستكون نتيجتها الشفاء حتماً.
بعد مرور 20 ساعة على العملية استفاق فادي ليجد رجلاه كما هما، وذلك لأن الطبيب استطاع أن يوقف انتشار الخلايا السرطانية، شريطة أن يلتزم بالعلاج وبعدم إجهاد رجله. بعدها عاد فادي لإجراء فحص روتيني وأخبره الطبيب أنه قهر السرطان وأن جسده خال من أي خلية سرطانية، ليحرز الهدف الأول ويحقق أول انتصار.
بعد عدة أشهر أجرى فادي فحصاً روتينياً آخر وهنا اكتشف أن السرطان قد عاد مرة أخرى، وبأن هذه المرة يتحتم على فادي زرع خلايا جذعية، وكالمرة السابقة لم يقدم أي اعتراض. تكررت محاولات الزراعة مرة ومرتين وثلاث وفادي لا يزال متمسكاً بقوة الإيمان منتصراً للمرة الثانية على غريمه، ليملأ ساحة الملعب عزيمة وكفاح.
” فادي بدو يطلع، فادي بدو يروح يشوف العالم، فادي بدو يروح على الجامعة، لأنو فادي زيو زي أي بني آدم”
عاش فادي حياته اليومية والجامعية مثل أي شخص آخر، إذ كون الصداقات وحضر المحاضرات الدراسية وشارك في الندوات وتحدث عن تجربته أمام الجميع. ومع بداية ديسمبر خاتمة هذا العام، ومع هطول قطرات المطر الأولى غادرنا ” قاهر السرطان ” إلى جوار ربه، لكن روحه وابتسامته وقلبه الطيب لم ولن يغادرونا مهما حيينا.