لا شكّ أنّ الكثير منّا يمضي وقتاً لا بأس به، متنقّلا بين وسائل المواصلات المختلفة، وأحياناً يقع في بؤسها الذي لا ينتهي؛ فمن منّا لا يقطع مسافات طويلة قد تفرض عليه التنقل بين مواصلتين أو ثلاثة ذهابا ومثلها إيابا، ولا ينتهي الأمر هنا؛ فقد يتكلل نهارك بخوض معارك لنيل شرف اللحاق في الباص أو وسيلة النقل العمومية، وقد تعمّر في مكانك منتظرا طويلا، فتقرر استظلال مكان، إلى أن يأتي ذلك البطل المنتظر لينهي قصة عذابك، ولعل الصيف “لعبة قدام الشتا”.
ماذا لو جعلنا تجربة المواصلات تفوق ما هي عليه لتصبح وسيلة لإثراء الإبداع فينا؟ فكّر/ي معي، ماذا لو قمنا باستغلال هذه الساعات التي نقضيها في المواصلات ؟وحولناها ليوغا ذهنية نعرض خلالها شريط حياتنا، فنتأمل جيدا كل ما هو معقد خارج هذه المركبة، قد نحلّ مشكلة، أو نجد فكرة عبقرية أوحت لنا الطريق بها.
تخيل/ي معي أن هذه الأربع عجلات لا تقوم بتدوير المركبة فحسب، بل و تدوّر عقلك أيضا وتحرك المبدع فيك، أعط عقلك فرصة للتركيز في ما حولك، قد تخرج من المركبة خاسراً أربعة شواقل ونصف، لكنك في ذات الوقت قد خرجت منها رابحاً فكرة لقصيدة، للوحة، لمشروع لم يسبق لك أن فكرت به من قبل.
هل فكرت بتدوير الوقت الضائع، احسب عدد الساعات التي تضيع يوميا في طريق الذهاب والإياب، إنها رصيد من الزمن لا يقدر بثمن، ماذا لو أنفقته بالحد الأدنى في قراءة كتاب مفيد؟ إنك تمرن نفسك على الانتفاع بكل لحظة من حياتك، تلك لحظات تستحق أن لا تتركها تفلت من يديك.
كثيرة يا أصدقائي هي الأمور التي نعايشها يوميا دون أن نفكر باستغلالها بطريقة غير تقليدية، فالمواصلات تجربة كاملة، ابتدأت من باص المدرسة إلى مواصلات بيرزيت وقد تتحول إلى طائرات أو قطارات ستركبها يوماً ما لتقودك إلى نجاحات كثيرة تنتظرك، هذه تجربة يجب أن تعطى حقها، لأنها وبكل بساطة تأكل وقتنا، لماذا إذا لا نشاركها الوجبة ونأخذ أكبر فائدة منها؟